مِن “تفاهمات الموصل” إلى مَقتَل الخَليفَتَيْن: “داعش” و”الجهاد السوري” في رعاية الاستثمار التركيّ

 

بدرخان علي

(3/3)

معركة اضطرارية مع داعش لقطع الطريق على أعداء داعش

 

اتخذت الحكومة التركية من وجود رهائن أتراك بيد تنظيم الدولة الإسلامية، والحرص على حياتهم، ذريعةً لعدم الانضمام للتحالف الدولي ضدَّ داعش. لكنَّ المهادنة استمرّت حتى ما بعد الإفراج عن الأسرى الأتراك.

الصدام الوحيد الذي حصل بين تركيا وداعش داخل الأراضي السورية، كان في مدينة الباب، وكان اضطراريًا للغاية، واستُهِدفَ به، للمفارقة، أعداء النظام التركي وأعداء داعش، وليس داعش بذاتها.

حدثَ كلُّ ذلك بغية قطع الطريق أمام وحدات حماية الشعب (YPG) وحلفائها في تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تضمُّ تشكيلاتٍ سوريّة متعددة القوميات والأديان، والتي كانت تخوضُ حينها حملة واسعة لتحرير الشمال السوري بأكمله من الدولة الإسلامية، بعد تحرير مدينة كوباني الكردية ثم تل أبيض -المنفذ الرئيسي لداعش على الحدود التركية- بدعمٍ التحالف الدولي لمحاربة داعش، الذي رفضت تركيا الانضمام إليه لمدة أكثر من عام. لربّما كانت ذريعة وجود أسرى أتراك بقبضة داعش في الموصل مبرّرة بعض الشيء لعدم محاربة تركيا لداعش في ذلك الحين، إلاّ أنها كانت ذريعة وحسب؛ فلقد امتنعت تركيا عن الانضمام للتحالف الدولي ضدَّ داعش وعن فتح قاعدة إنجرليك أمام طائرات التحالف الدولي، وأرادته تحالفًا دوليًا لدعم سياسة تركيا بعيدة المدى في سوريا؛ ضدَّ الكرد ولاحتلال شمالي سوريا وتمكين الجماعات المسلّحة العاملة بإمرتها، وإسقاط النظام الحاكم في دمشق -كان ذلك قبل التدخّل الروسي العسكري الميداني لصالح النظام في 2015. وانضمّت تركيا إلى التحالف بعد محاولات أمريكية حثيثة مع أنقرة في زخم الهجوم العالمي على داعش وحَزم إدارة أوباما في هذا المجال، للاستفادة اللوجتسية من موقع تركيا (قاعدة إنجرليك الجوية في جنوبي تركيا) المتاخم للمناطق المحتلّة من قبل داعش، بدل إقلاع الطائرات الأمريكية من قطر أو الإمارات أو الكويت، ووقف تعاون الحكومة التركية مع داعش وضرورة مراقبة نشاطات داعش وحركة عناصره، ووقوع أعمال إرهابية كبيرة داخل تركيا (استهدفت في معظمها أعداء النظام الحاكم!)، واشتراطات تركيّة تتعلّق، بالطبع، بالقوات الكردية في سوريا. في هذا السياق، جاء انضمام تركيا اسميًا إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش، واقتصر دورها على استضافة قوات التحالف في قاعدة إنجرليك الجويّة العائدة لحلف الناتو، والتي ترابض فيها قوات جوية أمريكية-أطلسيّة وتركيّة منذ الخمسينات. وبعد تحرير مدينة منبج وريفها عام 2016، أعلنت قسد تشكيل مجلس عسكري لمدينة الباب بغية تحريرها من داعش. هنا تخلّت القيادة التركية عن حيادها ومهادنتها تجاه داعش إثر نجاحات قسد على حدودها الجنوبية، بعدما تأكَّدَ لها أن التحالف الدولي مصمم على تحطيم داعش وإزالته من سوريا والعراق، وتيقُّن القيادة التركية من أنّ الولايات المتحدة وحلفاؤها ودول المنطقة والمجتمعات المحليّة ماضون في عملية هزيمة داعش دون تردد فالأفضل لها أن تشارك في مراسم دفن داعش وتضع اليد على تركتها. فقررت التدخّل العسكري الميداني وأطلقت عملية “درع الفرات”، أواخر 2016 انطلاقًا من مدينة جرابلس. وكانت تركيا واضحة في أهدافها من “درع الفرات”، عبَّرَ عنها وزير دفاعها، فكري إيشيق، بالقول: “إن الأولوية الاستراتيجية لتركيا هي منع الكرد من الربط بين ضفتيْ نهر الفرات”![1]

وصارت “معركة جرابلس” مثالًا للتندُّرِ على وسائل التواصل الاجتماعي لبعض الوقت، حين قامت القوات التركية والمعارضة السورية ببثِّ فيديوهات لـ”معركة جرابلس”/المسرحيّة، إذ كانت من أنظف المعارك في التاريخ: “صفر” إصابات في صفوف المهاجمين والمدافعين معًا! وحينما تمَّ حَشرُ مقاتلي داعش في مدينة الباب، معقلهم الأخير في غرب الفرات/شرق حلب، ووجدوا أنفسهم محاطين بالأعداء، قرّرت داعش مقاومة التدخّل التركي الذي تمكَّنَ بصعوبة من هزيمة داعش في مدينة الباب وريفها، في أوائل 2017.

 

في تركيا.. داعش تضرب أعداءَ أردوغان!

 

كانت الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها الدولة الإسلامية، أو نُسبَت لها، داخل الأراضي التركية، موجَّهةً ضدَّ خصوم النظام الحاكم؛ أنصار حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، الداعي للحقوق الكردية والسلام والديمقراطية في تركيا، ونشطاء حقوقيين ودعاة سلام، بالإضافة إلى مرافق عامة كالهجوم على مطار أتاتورك في إسطنبول. وهذا ليس تهوينًا من خطر داعش الكبير على الداخل التركي، كما سنتطرّق إليه لاحقًا.

ففي مجزرة سروج في ولاية رها (أورفا) يوم 20 تموز/يوليو 2015، تمَّ استهداف تجمّع لمناصري القضية الكردية وأنصار حزب الشعوب الديمقراطي تضامنًا مع بلدة كوباني الكردية السورية ودعوة لإعادة إعمارها بعد تحريرها من داعش، وأسفرَ الهجوم الانتحاري حينها عن عشرات القتلى والجرحى من الضحايا.

أعقبه تفجير أنقرة في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2015، استهدفَ مسيرة سلمية لأنصار حزب الشعوب الديمقراطي وأسفرَ عن مقتل نحو /100/ شخص وجرح العشرات، وصُنِّفَ على أنه أسوء الهجمات الإرهابية في تاريخ تركيا المعاصر. جديرٌ بالذكر أنّ داعش لم يتبنَ هجوم أنقرة. وذكرت وسائل إعلام تركية أن تقريرًا سريًّا لـ(وحدة الاستخبارات) التابعة للاتحاد الأوروبي، اتهم حزب العدالة والتنمية الحاكم بتكليف تنظيم داعش الإرهابي بتنفيذ الهجوم الذي وقع في 10 تشرين الأول/أكتوبر عام₂.2015

عملية “درع الفرات” واحتلال تركيا لمدينة الباب السورية، وفتح أنقرة قاعدة إنجرليك أمام عمليات التحالف الدولي ومحاولات تركيا إقحام نفسها في عملية تحرير الموصل من داعش، لمجابهة النفوذ الإيراني المتزايد وكذلك النفوذ الكردي ولا سيّما ترسُّخ نفوذ حزب العمال الكردستاني (PKK) في شنكال (سنجار) وجوارها، التي قوبلت برفضٍ شديدٍ من بغداد ردًا على مواقف تركيّة رسميّة من أعلى المستويات ذكَّرت العراقيين بـ”حقّ” تركيا التاريخي في الموصل!، مثَّلت هذه التطورات معًا انزياحًا عن “تفاهمات الموصل” بين الدولة التركية والدولة الإسلامية-داعش؛ فبالتزامن مع عمليات الجيش العراقي والحشد الشعبي والبيشمركه الكردية والتحالف الدولي لتحرير الموصل، و”درع الفرات” في سوريا، أعلنَ البغدادي في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، أنّ تركيا دخلت “اليوم” في دائرة الحرب ودعا أنصاره لغزو تركيا والحرب ضدَّها.

ورغم نداء الخليفة البغدادي وتوتر العلاقة، ووقوع أعمال إرهابية ضدَّ تجمّعات سائحين أجانب في تركيا وأماكن لهوٍ عامة، بقي نمط عمليات داعش داخل تركيا مثيرًا للشكوك: لماذا لا تستهدف داعش مقرّات وقيادات الحزب الحاكم وتجمّعاته ومراكز الجيش والأمن التركي، وتركِّزُ على المعارضة -الكردية والمناصرة للسلام والديمقراطية خصوصًا- التي لا تملك شيئًا من قرار الحكم والسياسة العامة والخارجية في البلاد؟ وذلك بعكس المنهج العام لعمليات داعش في سوريا والعراق وغيرهما، والمتجسِّد باستهداف قوات الأمن والسلطات المحلية وكوادرها والوجهاء الاجتماعيين الموالين للسلطات بغية خلق الفوضى وبثِّ الخوف في صفوف الموالين وردعهم عن التعاون مع السلطات وانفضاضهم عنها، جنبًا إلى جنب مع أنماط عمليات الإرهاب الأخرى لزعزعة الأوضاع العامة.

وكان لافتًا أن يُعلِنَ البغدادي عن “ولاية تركيا” التابعة لدولته مع عددٍ من ولاياتٍ أخرى في العالم الإسلامي، بعد أسابيعٍ وحسب من انهيار دولة الخلافة في آخر معاقلها السوريّة (الباغوز) في آذار/مارس 2019. ومن المرجَّح أنّه أعلنها بعيد وصوله إلى مخبئِه على الحدود التركية وفي مناطق نفوذ تركيا ووكلائِها السوريين وقبل مقتله بزمنٍ قصير في المكان نفسه الذي أعلنَ فيه عن ولايته التركيّة!

 

من يجرؤ على قتل الخليفة؟

بالعودة إلى سؤالنا في المقدِّمة: لماذا لا تقوم السلطات التركية بنفسها بتصفية أو اعتقال قيادات داعش وتتركهم صيدًا لواشنطن؟

نقول، رغم أنَ الإجابة على هذا السؤال، كما غيره فيما يتصِلُ بالجوانب “الغامضة” والمُلتَبَسة في مسيرة العلاقة بين تركيا وداعش، تحتاج إلى معلومات موثوقة من عالم الاستخبارات الغامض والبخيل بإفشاء المعلومات، من المستبعد جدًا ألا يعلم المسؤولون الأتراك والاستخبارات خصوصًا بهويّات القتلى الحقيقيين، قبل مَقتلهم. هل من المحتمل أن تركيا تستضيفهم، أو تجدهم، في مناطق نفوذها وإداراتها “مجاهدين”، وربّما ثواراً لـ”نصرة المسلمين في سوريا والشام”، كالآلاف من عناصر شبكات القاعدة الذين ترعاهم تركيا، وليس بالضرورة “دواعش” أو كزعماء وقادة صف أول في “داعش”؟

وإذا صحَّ الاحتمال السابق أعلاه، ألا يقوم المسؤولون الأمريكيون بكشف هويات المستهدفين الحقيقية لنظرائهم الأتراك -وخصوصًا أجهزة الاستخبارات فيما بينها-؟ أي تعلم الأجهزة التركية بزمان ومكان العملية العسكرية، لكن دون معرفة هويات المُستهدَفين الحقيقية؟ أم أن الولايات المتحدة لا تعطي الفرصة لتركيا وتمنعها من “التصرُّف” لوحدها بهؤلاء المُستهدَفين، وتصرُّ الولايات المتحدة أن يكون النصر مُسجّلًا باسمها. وهذا مستبعدٌ بالنظر إلى علاقة الولايات المتحدة مع الدولة التركية؛ إذ أنّ علاقة تركيا مع أمريكا على قدرٍ كبير من النديّة، وفي هذا المضمار تركيا ليست قطر أو الأردن أو العراق أو البحرين.

أم أنّ الحكومة التركية على عِلمٍ بكلِّ ما يتعلَّقُ بهؤلاء الدواعش الخطيرين في مناطق نفوذها منذ اللحظة الأولى، وتراقبهم عن كثب وبدقة تامة، وربّما تستدرجهم إلى “ديارها” السورية -وليس التركية تجنّبًا لتبعات القضية وحساسيتها- وتتعاونُ مع الولايات المتحدة عند اللحظة المناسبة وبذلك تكون قد حققت أمرين معاً:

  1. عقد صفقة مع واشنطن في موضوع ما (يُفضَّل أن يكن متعلِّقًا بممارسة “حقِّ” تركيا التاريخي في قتل الكرد) مقابل بيع رؤوس هؤلاء للولايات المتحدة في توقيتٍ مناسب.
  2. رغم الهزائم التي لحقت بالدولة الإسلامية، تتجنَّبُ تركيا إثارة “المجتمع الجهادي العالمي” بأكملِه (وليس الدواعش فقط) ضدًّها فيما إذا أقدمت هي بنفسها -أو لوحدها خصوصًا- على قتل (أو اعتقال) قادة “الدولة الإسلامية”، وسُجِّلت عمليات القتل (أو الاعتقال) باسم تركيا. وبذلك تحافظ تركيا على تعاونها مع الولايات المتحدة، دون أن تبدو كمن يقتل “خليفة” المسلمين أو مجاهدًا مسلِمًا في أعين الإسلاميين داخل تركيا أو في سوريا والعراق والشرق الأوسط عمومًا، وحول العالم. وبالتالي يُسجَّل “العدوان على المسلمين والدولة الإسلامية” باسم “الصليبيين والكفار والملاحدة والمرتدين”، وليس باسم الحكومة التركية ورئيسها “المسلم”.

 

 

مخاطر الرهان التركي في سوريا على تركيا

بيدَ أنه ورغم كلِّ ما سبق، لا ينبغي التقليل من مخاطر داعش على تركيا نفسها. فتركيا دولة مدنيّة ونظامها علماني ونمط الحياة الاجتماعية في المدن التركية غربيٌّ متحرِّر، والملاهي الليلية ونوادي التعرّي وبيوت المتعة الجنسية مرخّصة وعلنيّة، والتيار الديني المحافظ في مجمله ليس سلفيًّا جهاديًّا في تركيا. وهناك على سبيل المثال إشارة للبنوك “الرّبَويّة” في تركيا في كتاب “إدارة التوحش” الذي يُعتَبَرُ بمنزلة برنامج عمل أو “دستور” لداعش. ويبقى جيشها “كافرًا” وعضوًا في التحالف “الصليبي” وحكومتها “مرتدّة” و”طائفة مُمتنِعَة” في نظر داعش والجهاديين عمومًا، مهما عقدت أجهزة الدولة العميقة صلاتٍ مع التيارات الجهادية، لمحاربة الكرد أو لتحقيق مآرب أخرى في سوريا وغيرها، ومهما كانت كوادر شبكة داعش داخل تركيا تحت المراقبة والسيطرة الأمنيّة، سيّما وأنّ الدولة الإسلامية فقدت سلسلة القيادة ومركزيتها، بمقابل رضوخ تركيا للضغط الدولي في سياق محاربة داعش ولو على طريقتها الخاصّة المتضمِّنة أجنداتها السلطوية وبوصلتها التي لا تخطىء.

من جانبٍ آخر، ومهما كانت أجهزة الدولة التركية عسكريًا وأمنيًا واستخباراتيًا متماسكة وفعّالة ونشطة، يصعب أن ينجو المجتمع التركي من تداعيات أجواء التطرّف الديني والطائفي التي غذّتها حكومة أرودغان في سوريا والعراق، وكذلك آثار الاستثمار الأمني التركي في الحركات الجهادية في شمالي سوريا على مقربة من الحدود التركية، لتصبح المناطق السوريّة المحتلّة من قبل تركيا ملاعب للتدريب على التطرّف والتشدد الديني والمذهبي وكراهية الفنِّ والموسيقا، سيّما وأن هناك جيشًا آخر كبيرًا من شبكة الجهاد العالمي، غير داعش، تحت رعاية تركيا وقطر، يجري العمل منذ بضع سنوات على “تعديله” (من الاعتدال) بإشراف (أو تلزيم، في حالة قطر) أمريكي مباشر، لاستخدامهم في حروب تركيا وأمريكا في سوريا عند اللزوم (ضدَّ الجيش السوري والروس والإيرانيين) وضدَّ الكرد بالنسبة لتركيا، إضافةً.

وكان المبعوث الأمريكي السابق لسوريا، جيمس جيفري، المعروف بصلاته القوية مع أنقرة وتقديره الكبير للمصالح التركية وكراهيته الشديدة لروسيا وإيران، أدلى بتصريحاتٍ للشبكة الأمريكية الشهيرة “PBS” اعتبر فيها هيئة تحرير الشام، أي فرع تنظيم القاعدة الرئيسي في سوريا الذي غيَّرَ اسمه عدّة مرات، أحد رهانات واشنطن في سوريا، بل وأحد “أصول” الاستراتيجية الأمريكية في سوريا[2]. وها هي هيئة تحرير الشام بزعامة الجولاني تنفِّذُ تعليمات الجانب التركي والأمريكي باستهداف الشخصيات والجماعات الجهادية المُنسجِمة مع نفسها ونهجها والتي لا تقبلُ الانضواء تحت أجندات “الكفار والصليبيين والعلمانيين”، بل وتساعد في تعقُّب قادة داعش الفارين من مناطق أخرى. في السياق ذاته، أزالت الإدارة الأمريكية الحزب الإسلامي التركستاني من قائمة التنظيمات الإرهابية لديها قبل نحو عامين، وهؤلاء جهاديّون من إثنية الإيغور الأتراك جلبتهم المخابرات التركية من الصين إلى شمال غربي سوريا وأقطعتهم أراضٍ ومنازل على حساب السوريين المُهجَّرين قسرًا غير المرغوب فيهم تركيًّا، يشهدُ لهم المتمرِّدون السوريّون بشدّة بأسهم وكفاءتهم القتالية، حيث تعمل واشنطن على جعل سوريا مستنقعًا لروسيا، بتعبير جيفري نفسه في تصريحاتٍ أخرى[3]. ناهيك عن الدواعش الذين فرّوا من شمالي سوريا إثر هزيمتهم وجرى توليفهم بمسمياتٍ أخرى في إطار الميليشيات التي ترعاها تركيا في الشمال السوري المحتلّ تحت عنوان “الجيش الوطني السوري”. بوجود كلِّ هذه التنظيمات المؤتمرة بالأجندات التركية داخل الأراضي السورية، “المعتدلة” أو التي في طريقها لتصبح “معتدلة”، واحتلال الجيش التركي لمناطق واسعة في شمالي سوريا، تركيا مطمئنة إلى أن انهيار داعش في سوريا ليس كارثةً كبيرة!

فالعلاقة التركيّة-الداعشيّة، والحال هذه، ليست علاقة عقائدية ولا فكرية ولا علاقة لميول أردوغان الإسلامية بها، بل مبنيّة على تجنّب الصدام -حيثما أمكن- بين “دولتين” على أساسٍ من المصلحة المشتركة والهدنة المتبادلة والاستثمار المتبادل والجيرة الطيبة و”المُتارَكَة”. وها نحن في مشهد قتل الخَليفَتَين أمام صفحة مختلفة من الاستثمارٍ التركي في داعش: استثمارٌ ماكِرٌ قضى بتسليم رأس خَليفَتَين للولايات المتحدة، ونائبٍ للخليفة الأول إلى العراق، من دون الإخلال ظاهراً بـ”تفاهمات الموصل”، رغم هزيمة الدولة الإسلامية وتراجعها من دولة إلى خلايا غير نائمة!

 

 

 

 

[1] . وتكتسي جرابلس أهمية استراتيجية لأنقرة؛ فقد قال وزير دفاعها فكري إيشيق إن “الأولوية الاستراتيجية لتركيا هي منع الكرد من الربط بين ضفتيْ نهر الفرات.”

“درع الفرات.. عملية عسكرية متعددة الأهداف والجبهات” الجزيرة نت، بتاريخ 5/9/2016

الرابط التالي:

https://www.aljazeera.net/encyclopedia/military/2016/9/5/%D8%AF%D8%B1%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%AF%D8%A9

 

.2 الشرق الأوسط ، 13 أكتوبر 2021 مـ رقم العدد [ 15660] https://aawsat.com/home/article/3242406/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AA%D9%83%D9%84%D9%8A%D9%81-%C2%AB%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4%C2%BB-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%AF%D8%A7%D9%85%D9%8D-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%86%D9%82%D8%B1%D8%A9

 

  1. 3. في فيلمٍ عرضته الشبكة الأمريكية الشهيرة “PBS” عن الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، يدافعُ جيمس جيفري عن الهيئة من منطلق أنها لا تشنُّ هجماتٍ على الغرب، ويكيلُ لها المديح. ويقول حرفيًّا لمعدِّ الفيلم (في تصريحاتٍ على هامش الفيلم لم تُنقل كلّها في الوثائقي المُذاع) أن هيئة تحرير الشام “أحد أصول الاستراتيجية الأمريكية في إدلب.”

هنا تصريحات جيفري كما وردت في النص الإنكليزي:

James Jeffrey, who served as a U.S. ambassador under both Republican and Democrat administrations and most recently as special representative for Syria engagement and special envoy to the global coalition to defeat ISIS during the Trump administration, told Smith that Jolani’s organization was “an asset” to America’s strategy in Idlib.

“They are the least bad option of the various options on Idlib, and Idlib is one of the most important places in Syria, which is one of the most important places right now in the Middle East,” Jeffrey said in an interview on March 8.

https://www.pbs.org/wgbh/frontline/article/abu-mohammad-al-jolani-interview-hayat-tahrir-al-sham-syria-al-qaeda/

 

  1. 4. لجيمس جيفري عدة تصريحات بهذا المعنى.

أنظر مثلًا في مقابلته مع “الشرق الأوسط”:

“روسيا في مستنقع سوريا. نحن نجحنا”

الشرق الأوسط،22  كانون الأول/ديسمبر 2021، رقم العدد [15730]

الرابط:

https://aawsat.com/home/article/3372326/%D8%AC%D9%8A%D9%85%D8%B3-%D8%AC%D9%8A%D9%81%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A3%D9%82%D9%88%D9%89-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%AF-%C2%AB%D8%B5%D9%81%D9%82%D8%A9%C2%BB-%D9%85%D8%B9-%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86