دكان في حجم منزل
دكان في حجم منزل
أكرم صالح
عمشة الخضر، ثلاثينية من الرقة، خلال فترة سيطرة داعـ.ـش على الرقة ودير الزور، كانت تعيش برفقة زوجها وأولادها في منطقة «التبني» بريف دير الزور، لم تكن هناك فرص للعمل كي تستطيع العائلة تأمين حياة كريمة للأطفال، اضطر الزوج للسفر وحده إلى تركيا بحثًا عن العمل، وحين تأمين فرصة جيدة ستلتحق به عائلته، عمل في تركيا كسائق لسيارة خضروات، تعرض لحادث سير وتوفي على الفور.
تعرضت عمشة مع زوجها لمضايقات مستمرة، كانوا يعتقلون زوجها باستمرار، واعتقلوا أباها وأخاها لكي تأتي عمشة إلى مراكزهم، فعمشة ببداية دخول داعـ.ـش إلى الرقة لم تكن ترتدي النقاب، وكان العناصر يسألون عنها إن كانت متزوجة أم عازبة أم أرملة، حتى أنهم وضعوا اسمها على الحواجز التابعة لهم لمعرفة أين تسكن وإلى أين تتجه، بحسب عمشة، غالبية الذين كانوا يضايقونها كانوا أمراء لدى داعـ.ـش ومهاجرين.
لم تكمل عمشة مدة العِدّة حتى بدأ عناصر داعـ.ـش بمضايقتها وطلبها للزواج، أتى العديد، منهم عناصر ومنهم أمراء، إلى بيتها يرغبون بالزواج منها، ما إن انتهت عمشة من عِدّتها حتى انتقلت للسكن بريف الرقة، هربًا من مضايقات عناصر داعـ.ـش لها.
في تلك الفترة كانت عمشة تعاني وضعًا ماديًا سيئًا، اتجهت لبيع الدخان سرًا، وذلك لتامين قوت أطفالها، بدأ داعـ.ـش بالبحث عنها، وتواردت أنباء بأن عمشة ذهبت لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بعدها انتقلت عمشة مع أطفاها مرة أخرى للعيش في منطقة «الكبر» بريف دير الزور، وكانت حينها محررة تواً من قبل قوات قسد، لكن سوء الوضع المعيشي أجبر عمشة على الانتقال من بيت إلى بيت آخر، فهي لا تملك مالاً يكفيها لاستئجار بيت، تقول عمشة «كنا نسكن كل فترة في بيت ما عند أقاربنا، وابنتي كانت في السن الرابعة عشرة وكانت تعاني من هذا التنقل المستمر وعدم الاستقرار»، انتقلت عمشة مرة أخرى للعيش في بيت أختها في الرقة؛ فالحياة أصبحت متعبة لها، وسكنت بعدها عند عمها لفترة.
علمت عمشة بأن هناك عائلة ثرية تملك مجموعة من الدكاكين بمدخل الرقة الشمالي، اتجهت إليهم وطالبت باستئجار أحد الدكاكين، لكن السعر كان مرتفعًا، رأت دكانًا مدمرًا جزئيًا، طلبت من العائلة أن تعيد ترميمه لكي تفتحه وتسترزق منه، فوافقت العائلة على ذلك، تدينت عمشة من زوج أختها مبلغًا كي تعيد ترميم الدكان، وطلبت من زوج أختها أن يملئ المحل بالبضاعة على أن تكون الفائدة مناصفةً، وافتتحت عمشة الدكان، تبيع فيه مواد غذائية وأصبح الدكان بيتًا لهم أيضًا.