ذهاب بلا إياب.. خبيرة تجميل صربيّة في مخيّم لنساء داعش
ذهاب بلا إياب.. خبيرة تجميل صربيّة في مخيّم لنساء داعش
سيماف حسن
ديريك
ضمن الممرات بين الخيم في مخيم روج لنساء داعش، تذهبُ أمُّ آدم (35 عاماً) وتجيءُ بسروالها الفضفاض، ملقية النكات بصوت عالٍ بين النساء اللاتي تصادفهن. الحلقاتُ في أذنها وأنفها وعلى فكها السفلي، تجذبُ الانتباهَ في مخيّمٍ تتّشحُ معظم ساكناته بالسواد.
يقع مخيم روج لنساء داعش في ريف مدينة ديريك (المالكية)، ويحوي نساء أجنبيات كنّ ضمن التنظيم أو زوجات لعناصره، إلى جانب عربيات وسوريات وأطفالهن. وهو أقل تشدّداً وكثافة سكانية من مخيم الهول، وخلعت بعض النساء فيه نقابهن، وبقيت أخريات محجّبات فقط.
أمُّ آدم صربيّة من عائلة مُسلمة، رفضتْ أن تظهرَ باسمها، وفضّلتْ وضعَ كمامة وقبّعة رياضية لإخفاء ملامحها. وهي أمٌّ لخمسة أطفال، أكبرهم بلغَ 17 عاماً والأصغر 4 أعوام وبضعة أشهر. كانت متزوجةً من رجل صربيّ اعتنقَ الإسلام قبل زواجهِ منها.
“قال لي غطِ وجهك وصفعني”
«بدأ الأمر برحلة إلى تركيا» تروي أمُّ آدم رحلتها من صربيا إلى الرقة عام 2014، والتي كانت رحلة ذهابٍ دون إياب بالنسبة إليها. رحلةٌ تحوَّلَ مسارها دون درايتها إلى الرقة السورية، لتجدَ نفسها على حاجز ٍلـ «مسلّحين» ويطلب منها زوجها أن تغطي وجهها.
«كان الأمر سهلاً وقتها، تجاوزنا الحدود إلى سوريا بالسيارة، وأمرني بتغطية وجهي وصفعني. لاحقاً حين وصلنا إلى سوريا اشترى لي الملابس الشرعية» كانت أمُّ آدم حاملاً وقتها بطفلها الثالث، والذي أنجبتْهُ بعد مقتل زوجها المُرابِط في ساحات القتال، بعد خمسة أشهر من وصولهما إلى الرقة.
تُنقَلُ الصربيّةُ التي كانت خبيرة تجميلٍ في بلدها، إلى المَضافة لتلِدَ طفلها الثالث، وتتزوج بعدها مباشرة من رجل حلبيّ يدعى أمير ويلقّب بـ «أبو عدنان». كان عمره وقتها 45 عاماً وكان «مرابطاً» أيضاً. أنجبتْ منه طفلين، لتصبح أمّاً لخمسة أطفال؛ اثنان منهما صربيان وثلاثة دون أوراقٍ ثبوتيّة.
«كنت مضطرة للزواج كي أستطيع الحصول على راتبٍ لي ولأطفالي، 50 دولاراً لي و30 دولاراً لكل طفل». تصف زوجها بالزوج الجيد، قُتل هو الآخر في 2017 في ناحية هجين التابعة لدير الزور، لتهربَ هي وأطفالها عن طريق مهربين، ويتم نقلها إلى مخيّم الهول، ولاحقاً إلى مخيّم روج.
“أهلاً بكم في هوليوود”
تنتقدُ أمُّ آدم نساءً خلعنَ النقاب وعُدنَ لارتدائه ضمن المخيم، معتقدةً بأنهن يُردن جذبَ الانتباه «أهلاً بكم في هوليوود»، وترى أن مُعظمهن يحاولنَ الظهورَ بهيئة غير المُتطرّفات.
لم تستطع أمُّ آدم أن تكون خبيرة تجميلٍ في الرقة، إلا أنها كانت تقومُ بثقب الأنف والأذن للنساء اللاتي يأتين إليها «عندما كنت أذهب إلى الطبيب وأزيل النقاب، وترى نساء أخريات الحلق في أنفي وأذني، أخبرهن أنَّ هذا هو عملي وأعطيهن رقمي، فيأتين إليَّ لأضعَ الحلق لهن».
«أحبُّ الماكياج كثيراً، حين هربتُ من (هجين) لم أحمل ثيابي لكني حملتُ عدة الماكياج» وتروي قصة تعرّض أمنيّ داعشيّ لها حين أظهرتْ عينها وهي تضع مواد التجميل في الرقة. «كان عليه هو أن يغضَّ النظر، هذا هو المُفترَض في الإسلام».
يصل عدد النساء الصربيات في مخيمات نساء داعش إلى حوالي 26 امرأة، وترى أمُّ آدم – التي تأمل العودة إلى بلادها- أنّ التحدي الأكبر يتمثّل في القدرة على حماية الأطفال من التطرف.
وبينما سعتْ بعض دول البلقان إلى إعادة مواطنيها، لم تستجب صربيا بعدُ لنداءات المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، لمساعدة مواطنيها في سوريا.