في أفق الشعر الشعبي العربي
شيرين صالح
يحلِّق في فضاء المجاز والصور البيانية وهو يلقي قصائده. يكتبُ أربعة أشكال من الشعر الشعبي، هي: العمودي والزهيري والعتابا والأبوذيّة. كلُّ هذه الأشكال الشعريّة تتحوّل إلى ألحانٍ وأغانٍ تُعزَفُ على الربابة، وتنتشر كثيرًا في بلاد الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية. الشاعر والمحامي سالم الربيعي، من ناحية تل كوجر على الحدود العراقية- السورية.
العتابا
تتألَّفُ العتابا من أربعة أشطر. تكون للأشطر الثلاثة الأولى قافية مجنسة، متفقة في اللفظ لكنّها تختلف في المعنى، وينتهي الشطر الرابع بالباء الساكنة المسبوقة بالألف، وتحمل طابع الحزن كالفراق:
1
أون الليل عالشالو تراحيل
نگص حيلي يّهم أرحم تراحيل
عگبهم صفت أحلامي ترى حيل
يحيف الحيف ما بيهن ضنا
2
يدنيا شجاچ بعدايا تفزعين
جثير أهوال شفناها تفزعين
عنين الصاب دلالي تفز عين
عذاب افراگ من حول السنا
3
گمت أدفن غوالي بچول بيداي
صرت أصفگ عليهم حيل بيداي
مهو ملچوم گلبي صار بي داي
شتسوي الأوف لفراگ الأحباب
4
أويلي من الزمان شلون لي دار
مثل صد الوجه يا حيف لي دار
يا يمّه شحال كل من كال لي دار
يتذكرها وكت شمس الغياب
5
مدارس راحت انقصفت شعبنا
وظاگ الويل وتمرمر شعبنا
رمانا ابليس هالفرق شعبنا
حياره الناس تيهنا الحساب
الأبوذية
يكتبُ سالم الأبوذية، وهو نوع من الشعر العامّي العربي أو شعر البادية، ويتألف من أربعة أشطر، ثلاثةٌ قوافيها مجنّسة والرابعة مختلفة تنتهي بـ “يه”، وتنتشر بكثرة في العراق وإيران وأرياف وبوادي سوريا، وهي وجدانية، تحملُ طابع الغزل لكثرة ما يعبِّر العشّاق عن آلامهم من صدود من يحبّون وتمنّعهم، ويلقي الشاعر أشطرًا من كتاباته:
إلك فدوه قطر وأهل المنامة
وتراني الليل بغيابك منامة
حجزت بگلبي مو مقعد منامة
دهر وسنين تالي اگطعت بيه
2
بديت آني الأطيقك من طقتنا
ولا أحجي بغيابك ما انطق اتنى
تنور مرها مره منطقتنا
ترى اشتاگت عليك اليعربيه
3
غلاك بحبل وسط حشاي منشور
وغيرك يا فهيم الراي مانشــــــــــــــــــــــــــــــــور
إلك كل يوم أنزل /١٠٠/ منشـــــــور
واظل مشتاگ تا تســـــــــــــــــــــــــــــــــأل عليه
4
خويت ولجل ربعي من خوا لي
أنخى جدودي ساده منخى والي
إذا عالطيب أخذته من خوالي
وإذا عالشــــــــــــــــــــــيمه من الربيعيه
5
عليش تروح تبعد ون تهمنا
تدري البعد ياذي وانته همنا
أبد مو خوش صرنا وانتهمنا
عگب ذاك التعب صرنا أذيه
6
تظل نادر مثل طبعة بصمتك
حفظتك زين عالغايب بصمتك
ولك أحچي يچاتلني بصمتك
كافي اسكوت وآني النار بيه…
الزهيري
يتكوّن الزهيري من سبعة أشطر، بحيث يكون للأشطر الثلاث الأولى القافية نفسها، بينما يكون للأشطر الثلاث الأخرى قافية مغايرة والجناس في آخر شطر، وينتهي الشطر السابع بالقافية الأولى نفسها، وينتشر بكثرة في جنوبي العراق، وهو أكثر أنواع الشعر التي يلقيها الشعراء في أرياف شمالي سوريا، فيقول سالم بشعره في وصف طيب وسيء الأصل:
الزين وابن الأصل ماخد طبع من هله
والشين أگشر طبع وحدو يظل منهو له
الزين ملگاه حلو من مرحبا ومن هلا
والشين فعلو قهر حچيو مرار إن يرد
والزين ربعو تعرف منبع وصافي يرد
الناس طبع وأصل كل من عليها يرد
گالوها أهل المثل كل من على منهله
2
عشب وربيع شعجب محروم بستاني
ومحروم لبس الفرح والهم لبست آني
العيد بوسة فرح بس ظيم بست آني
يالطاح حبك هوا والناس هاوينك
مو عفنا كل البشر بس إنت هاوينك
بالشده ماكو رحت يفلان ها وينك
انسيت وكت الفضى وتكول بس تاني
3
بحبال جرنا الزمن والوكت هو الجار
يا حيف نعطش ترى مو چنه نهرًا جار
اسأل علينا الأهل وانشد علينا الجار
مو إحنه ننسى الخوي يا صاحبي محنا
إن چان حچيي غلط من دفترك محنا
ربعك تگفلك گبل من توگع بمحنة
لكن حسافه وعتب عل هالزمان الجار
الملمع
أما الشعر الملمع، فهو من فنون الشعر العراقي، وهو عبارة عن مزيج من الفصحى والعامية، وقد يتشكَّل من لهجتين عاميتين دون أن يخرج عن المعنى والغرض، فتبدو القصيدة كلًّا واحدًا. كما أنَّ هناك دمجًا بين الفارسية والعربية والكردية وغيرها من اللغات أو اللهجات، فعلى سبيل المثال، كتبَ سالم الشعر الملمع في غزل الحبيبة، ودمج اللهجة الشامية مع اللهجة الشاوية السورية فيقول:
عندي كلام اسمعي ماريد أحجي بعجل
لك خلي قلبك يحن بلكي عليه يروق
شو صار گلبج حجر وتعود اعلى الزعل
وقلبي أنا من القهر لك مستوي ومسلوق
العين گالو مثل ينباك منها الكحل
وحتى أنا تاكدت مني القلب مسروق
ماريد أحجي وأون خليني أگلج غزل
لو شافك إنتي الورد رح يدبل وما يفوق
واشهد بأنج قمر ويغار منج زحل
وما بنكر أسمر أنا ومن الشمس محروق
بس لي عندج طلب آني أحب العسل
والكيلو غالي السعر غالي بسعر السوق
ماريد منج فلس ما أطلب خلية نحل
مادام شفتك عسل خلينا منها ندوق
يختارُ الشعراء التوصيفات الجميلة والمؤثِّرة التي يقولها الناس في لهجتهم المحكية لتبسيط المعاني وتقريبها من المتلقّي، ويتميّز سالم الربيعي بهذه المهارة الجامعة، ويحاكي قضايا الناس الحياتية كحالة الحرب وغلاء المهور وغيرها من المواضيع الهامة.