من موتٍ إلى موت

من موتٍ إلى موت

إعداد : شيرين صالح

فجأة اندلع حريق بعدة خيام في مخيم واشوكاني لنازحي رأس العين شمال مدينة الحسكة، نتيجة ماس كهربائي، وأدى الحريق إلى وفاة طفلين شقيقين للنازحة مناهل حسين من قرية أم الخير بريف رأس العين، وأصيبت بجروح مع عدد من ساكني المخيم في 7/8/2022

 

عجزت مناهل عن إخماد الحريق الذي لف خيمتها وسط نقص المياه، حيث أن زوجها كان في عمله خارج المخيم، تتحدث مناهل بألم “كنا نائمين في الساعة الثانية صباحًا، فتحت عيناي وإذ محيطي كلّه ملون بالأحمر، رميت طفلي ذو الثمانية أشهر خارج الخيمة، وحاولت عبثًا أن أنقذ طفلي ذو الثلاث سنوات، وفشلت في إنقاذ طفلي الآخر ذو الأربعة أعوام، النار كانت تشتعل بأجسادهم والمكان، كانا يصرخان “أبي، أمي، لم يكن هناك قطرة ماء تسعفني في إخماد الحريق”.

 

هربت مناهل من القصف التركي والتجأت إلى المخيم، فرت من الموت لتلتقي بموت آخر خطف منها طفليها، تسرد والبكاء أسكت حديثها “فلذات كبدي احترقوا أمام عيناي دون أن أفعل لهم شيئًا، جسدان متفحّمان واحد منهم انفجر رأسه، والآخر اندلقت أحشائه”

 

منظر الطفلين المتفحّمين باتت صورة للرعب في أذهان أطفال المخيم، وشكل آخر لموت متربّص قد يخطفهم في أيةِ لحظة، تتحدث نازحة من قرية أم الخير (مريم صالح) والخوف يرسم ملامح وجهها “يعاني أطفال المخيم من انهيار نفسي بعد حادثة الحريق، ابنتي تبكي طوال الليل”، تقول “ماما حريق، ماما طفلان احترقا، ماما ماتوا، أطفئي الكهرباء، سأموت الآن، لا تشعلي موقد الطهي”.

مريم “أصبح أطفال المخيم يخافون دخول الخيم خيفة اشتعال حريق ما، الناس صارت تتوقع الموت في أيةِ لحظة”

 

تتذمر مناهل ومريم من صعوبة العيش في المخيم بسبب نقص الخدمات، وتحمّلان أسبابه للقصف التركي الذي قاد الجميع للعيش في خيم صغيرة، بعد نهب أموالهم والاستيلاء على بيوتهم في رأس العين وريفها، تقول مريم بألم “هربنا من موت كاد يقضي علينا أثناء القصف التركي، فإذ ملاذنا كان موت بطيء نحياه في كل لحظة”.