مِن “تفاهمات الموصل” إلى مَقتَل الخَليفَتَيْن: “داعش” و” الجهاد السوري” في رعاية الاستثمار التركيّ
(2/3)
بدرخان علي
كاتب كردي سوري
عبد الله قرداش أو حجي عبدالله أو أبو عمر التركماني واسمه الحقيقي “أمير محمد سعيد عبد الرحمن الصلبي المولى”، الذي سيصبح -بعد مقتل البغدادي- خليفةً باسم” أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”، يتحدَّرُ من عائلةٍ تركمانيّةٍ من تلعفر. ادّعى النَسَب القُرَشي العربي متأخرًا وإبان خلافة البغدادي، ربّما تحضيرًا لتبوؤ منصب الخليفة لاحقًا، والذي يُفترَضُ أن يكون من “قريش”، قبيلة النبي محمد، وفق أحاديث منسوبة له. كما أن سَلَفه البغدادي، تلحَّفَ بالانتساب إلى “قريش” للغرض نفسه، وهو عربيٌّ من عشائر “السّادة” الذين يزعمون التحدُّرَ من “آل البيت”، وهو زعمٌ شائعٌ لدى العديد من الأسر والعشائر في العديد من البلدان الإسلامية (للمفارقة دَرَجَ هذا الادعاء خارج موطن قريش الأصلي (الجزيرة العربية)، في سوريا والعراق، وعند بعض غير العرب أيضًا؛ بين الكُرد على سبيل المثال!). ولعبدالله قرداش شقيقٌ شَغَلَ منصب رئيس اتحاد الطلبة التركمان في جامعة الموصل اُتهم بصلاتٍ مع “القاعدة” وقُتِلَ بطريقة غامضة، بينما شقيقه الآخر كان ناشطًا معروفًا في الجبهة التركمانية العراقية، وكان له صلاتٌ مشبوهةٌ بتنظيم القاعدة، وبعد صدور أمر اعتقاله من قِبَلِ أجهزة الأمن العراقية هربَ إلى تركيا وتوارى عن الأنظار هناك منذ ذلك الوقت.[1] بينما كان “قرداش” على اتصال مع شقيقه المقيم في تركيا لغاية تعيينه خليفة.[2] معلومٌ أيضًا دور “قرداش” الأبرز في ارتكاب الفظائع بحقِّ الإيزيديين في شنكال (سنجار)، وخصوصًا إصرارهُ على سبي الإيزيديات، وهو القرار الذي لم يكن محلَّ إجماعٍ داخل قيادة “الدولة”. وبحسب مصادر عديدة، فإن “حلقة تلعفر التركمانية” كان لها الدور القيادي في مذبحة الإيزيديين في شنكال في آب/أغسطس 2014؛ فـ”في قضاء تلعفر الذي كان يضمُّ مصفاة الكسك النفطية (تم تفكيكها ونقل أجزائها إلى سوريا)، حصلَ التنظيم على عماده من العناصر من عشائر تركمانية، وأوكل إليهم مهمة قيادة “غزوة سنجار” في آب/أغسطس 2014، بحسب تأكيدات الرائد في الشرطة المحلية هاشم أحمد.”[3] ويقول الباحث العراقي الراحل، الدكتور فالح عبد الجبار، إنه كان للأعافرة (نسبةً إلى تلعفر غرب الموصل) “الدور الأبرز في الهجوم على قضاء سنجار، معقل الإيزيديين الأبرز ، في آب/أغسطس 2014، وعاثوا فيه قتلًا وسلبًا وسبيًا”[4]. يبدو أنَّ الباحث يقصد هنا “حلقة تلعفر التركمانية” التي خططت وقادت الهجوم، إذ أنَّ الكثير من الشهادات والتقارير تؤكِّدُ ضلوع العديد من أبناء العشائر العربية في شنكال في مذبحة جيرانهم الإيزيديين.
ومنعًا للالتباس، وكي لا يجري تصوّرُ الأمر بصيغة مخطط قوميّ تركمانيّ في قيادة الدولة الإسلامية ضدَّ الكرد تحديدًا أو بوجود عداء متأصل عند التركمان ضدَّ الكرد، نستدركُ بالقول إنَّ الدولة الإسلامية، وكما تطرّقنا من قبل، هي أساسًا حصيلة نضالات السلفيّة الجهاديّة بخبراتها المتعددة، ومفرزات الوضع العراقي وتعقيداته، وتعبير اجتماعي عن أقصى حالات التمرُّد السنّي في العراق. ونضيفُ هنا أنّ الجهاديين التركمان، أو “حلقة تلعفر التركمانية”، الذين تولّوا القيادة الأمنية التنفيذية في الدولة الإسلامية، ارتكبوا الفظائع بحقِّ التركمان الشيعة أيضًا، وفي “تلعفر” تحديدًا، قبل مذبحة الإيزيديين بنحو شهرين، وهجّروهم من ديارهم مع سائر من هُجِّر، وبلغَ عدد المُهَجَّرين نحو /250/ ألف شخص، وأسكنوا “جهاديين” وعائلاتهم من الناطقين بالتركية من خارج العراق (من تركيا وأذربيجان وتركمانستان وأوزبكستان) في منازل التركمان الشيعة وغيرهم من سكان المدينة، ودمَّروا المزارات الشيعية ومعالم المدينة بحيث تحوّلت “تلعفر” إبّان سيطرة داعش إلى (“ولاية المهاجرين القوقاز” ومصنع قادة التنظيم)[5]. إنّما نقول، ربطاً بموضوعنا الأساسي، إنَّ تدفق المئات من الجهاديين الأتراك مع عائلاتهم من “العالم التركي” نحو العراق (وسوريا) عبر تركيا لم يكن ليتمَّ لولا التعاون بين أجهزة الحكومة التركية والدولة الإسلامية في صعودها الصارخ وما بعد استيلائها على الموصل كحدثٍ مفصليّ، وكذلك مع الجماعات الجهادية السنيّة قبل إعلان الدولة الإسلامية. ومنها حلقة تلعفر، بالنظر للأهمية التي توليها الدولة التركية للعلاقة مع الجماعة التركمانية في العراق، وأطماعها التاريخية في كركوك والموصل وغيرها بناءً على السرديّة التركية القومية ذاتها: (تركمانية) هذه المناطق (بالنسبة لكركوك وتلعفر تحديدًا)، أو تبعيتها لتركيا (بالنسبة للموصل) أو الاثنين معًا. وكذلك محاولات تركيا الحثيثة لتشكيل نفوذ لها داخل العراق لمجابهة النفوذ الإيراني، فضلًا عن الهاجس التكويني فيما خصَّ كرد العراق وتطوّرات المسألة الكردية.
عَدَميّة و… براغماتية عند اللزوم!
وبخلاف ما يروّج الإسلاميون -بمن فيهم السلفيّون المتزمّتون- عن أنفسهم، وكذلك خصومهم عنهم، من ثباتٍ وتصلّبٍ في الأحكام والممارسات التي تبدو وكأنها ترجمة أمينة لنصوص محفوظة وثابتة وقارّة لا تقبل التزمين والنقاش والتفاوض والانزياحات؛ فإن الممارسة في الواقع والحياة العملية لا يمكن أن تكون استنطاقًا للنصوص أو ترجمة عملية لها وحسب. العكس هو الصحيح: ممارسات عملية لأسباب راهنة تُشَرعَن دينيًا عبر استحضار نصوص من الماضي السحيق، سيّما وأن مدوّنة الفقه الإسلامي شاسعة وكبيرة وكذلك تاريخ الإسلام الواقعي المُعاش في غزواته وتوسُّعِهِ واضطرابات الصراع على السلطة تاريخٌ مديدٌ ومتنوع الصفحات، كأيّ إمبراطورية، ولا يُختَزَلُ بتأويلٍ واحدٍ موّحد، ولا بسببٍ أوحد، خصوصًا الدافع الديني.
وفي حالة داعش، كسائر الحركات الجهادية، رأينا أنَّ حججهم وبراهينهم تستند إلى نصوصٍ من المدوّنة التي لا يمكن لخصومهم -الإسلاميين تحديدًا- الطعن فيها بسهولة. وقد استندت تنظيمات الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش في العديد من الممارسات الدمويّة إلى اختياراتٍ من المنظومة الفقهية والنصيّة ذاتها التي ينهلُ منها الإسلاميون المعتدلون، وجرى توليفها وفق أغراض التنظيم راهنًا، تبعًا لسياسة عملية وبراغماتية واضحة، حتى في جريمة إحراق الطيار الأردني الكساسبة من قِبل داعش، والتي صدمت العالم لوحشيّتها، وبَدَت نافرةً حقًا ومُستَهجَنةً للغاية لدى عموم المسلمين ومستحيلة التبرير شرعًا، إلّا أن شرعيّو داعش قدَّموا مبرراتهم الفقهية في جواز الإحراق، مستندين في ذلك على تأويلاتٍ انتقائيةٍ (كما يفعل غيرهم من الإسلاميين، لكنها تأويلاتٌ ممكنةٌ لا يمكنُ ردُّها ببساطة) لنصوصٍ دينيةٍ وممارساتٍ سابقةٍ ومبدأ المعاملة بالمثل (ردًّا على القنابل والقذائف الحارقة!) وتخريجاتٍ فقهيةٍ لا يمكن دحضها بسهولة. أما رمي الدواعش بتهمة (خوارج العصر) من قبل إسلاميين آخرين، فهذه مهاترةٌ فارغةٌ لا طائل منها ولا تقدِّم ولا تؤخِّر شيئًا.
وللأسباب ذاتها يمكن لأيّ مشرِّعٍ أو أميرٍ أو قائدٍ مجاهدٍ كان، استحضار نصوص من المدوّنة الفقهية الإسلامية تؤيّد وجهة نظره وممارسته. فهناك سلفيّون وادعون يوالون حُكّام بلدانهم العلمانيين وبإمكانهم إبراز حججهم الفقهية، في الوقت الذي يعملُ سلفيّون حركيّون محاربون على تكفيرَ الحكام عينهم في البلد عينه، أو سلفيونٌ يعادون نظام حكمٍ محافظٍ ومنغلقٍ ومُؤسَّسٍ في جانبٍ أساسيٍ على شرعيّةٍ دينيّةٍ ويطبِّق “الشريعة” في الكثير من جوانب الحياة، وبإمكانهم أيضًا إبراز مبرراتهم الشرعيّة بسهولة.
وكما يجري في كلِّ حادثةٍ وموقف، يمتلكُ شرعيّو داعش تبريراتهم الفقهية وفتاواهم لأنصارهم وخصومهم، تبرّر مواقفهم وممارساتهم. ومن خلال قاعدة “فقه الموازنات”، أي الاختيار بين المصالح والمفاسد، يتمكّن المُكلَّف أو الحاكم أو المشرِّع من تمرير بعض “المفاسد” أو ما ينهي عنه الفقه والشريعة في غالب الحالات. وهو ما يمثِّلُ تكتيك وممارسة سياسية تعني فقه الأولويات بلغة السياسة، وتتيح للحركات الإسلامية الجهادية مرونةً في التكتيكات.
في الواقع، انتهجت داعش منهجًا عَدَميًّا بالمطلق على سائر الجهات والجبهات ولم تركن للسياسة والتكتيك والبراغماتية والحلول الوسط أو التفاوض مع أيّ جهة، سوى مع الدولة التركية ومصالحها.
فالمهادنة الداعشيّة هذه تجاه تركيا، كدولةٍ “كافرة ومرتدّة” بأبسط مقاييس الجهاديين، لها أصولٌ فقهيةٌ اجتهد في تخريجها أحد أبرز شرعيّي داعش، وهو أنس النشوان (أبو مالك التميمي النجدي). ففي الوقت الذي شرَّعَ فيه استباحة دماء كلِّ موظف، وخصوصًا العسكر، في حكومات الدول الإسلامية المعاصرة (“الطاغوتية، المرتدّة، الطائفة الممتنعة”) وكذلك مدنييّن عزّل، عقوبةً على “الرّدة” وشرَّعَ ذبحهم بالسكاكين، وظهرَ بنفسه في فيديوهات إعدام مدنيين “مُشركين” في ليبيا، قبل أن يستقرَّ به المقام في سوريا ويُقتَلَ فيها، بعد ساحات جهادٍ عديدة.
بعد استعراضٍ لآراء مشايخ السلفيّة عبر عصورٍ مختلفة و”تحديثها” وفق الظروف السياسية والدولية المعاصرة، توصَّلَ القاضي الشرعي، النشوان، ومن غير أن يشير لتركيا أو لغيرها بالاسم، إلى خلاصة ما أسماه “بعض الصور والحالات قد يحتاج فيها المجاهدون مهادنة بعض دول الردّة على تركِ القتال:” وهي 1. بغرض التفرّغ لقتال عدوٍ آخر. 2. مقابل فتح طرق تموين طبية، أو غذائية، أو عسكرية لجبهة الصراع. 3. مقابل فتح طرق آمنة لمرور المصابين والجرحى لتطببيهم. 4. مقابل فتح طرق آمنة لمرور مدد المقاتلين إلى جبهة الصراع.” مُضيفًا أنه “تجوز المهادنة في وقت ولا تجوز في وقتٍ آخر، وتجوز مع عدو ولا تجوز مع آخر. وفي مسألة حكم “أسرى الطائفة الممتنعة”، مع تشديده أن الأسير المرتد لا يُعامَلُ معاملة الأسير الكافر الأصلي، يفتي بجواز “مفاداة أسرى مرتدّين بأسرى مسلمين”[6] وفق شروطٍ معيّنة.
فشل هجوم داعش” على كوباني والقضاء على “عملية السلام” التركية-الكردية:
في اليوم الثالث لهجوم عناصر داعش على مدينة كوباني الكردية السورية المتاخمة للحدود التركية، أفرَج تنظيم الدولة الإسلامية عن الأسرى الأتراك من الموصل ووصلوا من هناك، عبر الأراضي السورية الخاضعة لداعش، إلى بلدة تل أبيض السورية المجاورة لكوباني على الحدود التركية وتمَّ استلامهم هناك من قِبل المسؤولين الأتراك، على رأسهم رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو. أدّى ذلك إلى استثارة الغضب الكردي المُشتعل داخل تركيا أكثر فأكثر وعَنَى للأكراد قرائن إضافية على تواطؤ تركي رسمي مع داعش في الهجوم على الأكراد.
في السياق ذاته، كانت تركيا قد امتنعت عن مساعدة “حلفائها” الأكراد في إقليم كردستان العراق أيضًا، فبعد احتلال الموصل وهجوم داعش على شنكال مع ما ارتكبه من فظائع بحق الإيزيديين الكرد وهجومه على مناطق أخرى في إقليم كردستان، أفاد رئيس إقليم كردستان العراق آنذاك، مسعود بارزاني، أن ثمّة أطراف خارجية وجّهَت داعش نحو محاربة كردستان، وشَكَر إيران على إرسالها المساعدة العسكرية على وجه السرعة، وأبدى استغرابه من عدم قيام (حليفته) تركيا (دون أن يسميها بالاسم) بأيّ مساعدة للإقليم الكردستاني في تلك المحنة حين وصل تهديد داعش لعاصمة الإقليم، أربيل.
وفي حمأة معركة كوباني، وافقت الحكومة التركية على تمرير عددٍ محدودٍ من البيشمركه من إقليم كردستان العراق إلى كوباني عبر تركيا، بلغ عددهم نحو (150) مقاتلًا، وعدد رمزي من مسلّحي “الجيش الحر” المدعوم من تركيا. استهدفت هذه الموافقة التركية تخفيف الضغط الدولي الهائل عليها جرّاء امتناعها عن محاربة عناصر داعش أمام أنظارها على حدودها الجنوبية مباشرةً ومجمل سياساتها المهادنة لداعش، فاستجابت لضغوط الإدارة الأمريكية (إدارة أوباما) التي كانت في ذروة تحشيدها للمواقف والقدرات الدولية لمحاربة داعش. وفي نفس سياق الجهود العالمية الهادفة لثني تركيا عن موقفها المتفرِّج على هجوم داعش على كوباني، ناشدَ المبعوث الأممي الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا، السلطات التركية بـ”السماح على الأقل لتدفق المتطوعين، ومعدّاتهم، ليتمكّنوا من دخول المدينة والمساهمة في عملية الدفاع عن النفس”[7]. وكان دي مستورا قبلها بعدة أيام قد “دعا المجتمع الدولي إلى منع سقوط كوباني في أيادي داعش”[8].
وبحسب متابعتي، لم يحصل أن دعا مسؤول أممي رفيع المستوى بصفة رسمية من مقرِّ الأمم المتحدة إلى تدفق متطوعين من خارج سوريا إليها، طيلة سنوات الحرب السورية.
ابتغت تركيا من وراء ذلك أيضًا أن يذهب السلاح المقدَّم في الدفاع عن كوباني ليد البيشمركه و”الجيش الحر” لا وحدات حماية الشعب (YPG). وأن تكون علاقة التحالف الدولي مع الكُرد عبر البيشمركه حصرًا، الذين اقتصر دورهم في كوباني على توفير الإسناد المدفعي للمدافعين، دون المشاركة في القتال مباشرةً ضدَّ عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، وفق تصريح الناطق باسم حكومة إقليم كردستان العراق، سفين دزه ئي، ووفق شهادات عديدة من الميدان أيضًا.
إضافةً إلى الضغط الدولي، كان هناك غضبٌ كرديٌّ عارمٌ داخل تركيا أيضًا جرّاءَ صمت الحكومة التركية تجاه ممارسات داعش ضد كرد سوريا والكرد الإيزيديين في شنكال واتهامها بالتواطؤ مع داعش، سيّما وأن الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، المسجون في تركيا، أوصلَ رسالة إلى المسؤولين الأتراك في وقتٍ كانت “عملية السلام” ما تزال قائمة -في آخر أنفاسها- و”هددَ بنسفِ عملية السلام بين حزبه وأنقرة، في حال حصول مجزرة في كوباني، وأمهلَ أوجلان الحكومة حتى /15/ من الشهر الجاري (تشرين الأول/أكتوبر) لاتخاذ موقف واضح وصريح ضد تنظيم الدولة وحربِه على الشعب الكردي”[9]. كذلك لعبَ أوجلان من محبسه دورًا في تهدئة الصدامات في الشارع الكردي الذي كان يغلي على وقع الأحداث في كوباني بين مناصرين لحزب العمال الكردستاني والشعوب الديمقراطي من جهة، وإسلاميين كرد موالين لأردوغان من جهة أخرى، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.
رغم تدمير المدينة بفعل المعارك والضربات الجويّة للتحالف، ونزوح كامل لسكان المدينة والريف المحيط بها، والمأساة الإنسانية، إلّا أن حنق أردوغان ازداد على وحدات حماية الشعب بعد فشل هجمة داعش على كوباني، وأصيب بخيبة أمل عميقة وهو صاحب مقولة “كوباني على وشك السقوط”، وراحَ يُلَّقِبُ مقاتلي وحدات حماية الشعب بـ”إرهابيي كوباني”، إثر انتصارهم على داعش.
غير أن الانتصار الذي تحقّق في كوباني، لجهة إفشال احتلال داعش وتقوية علاقة التحالف الدولي مع وحدات حماية الشعب وبروز القضية الكردية في سوريا عبر تبلور الإدارة الذاتية، وانتعاش آمال كرد تركيا، أتى بمفعولٍ عكسيٍّ تمامًا على “عملية السلام” التركية-الكردية المتعثّرة بالأصل داخل تركيا، وكان بداية التملُّص الفعلي للحكومة التركية من مفاوضات السلام، مع انعكاسات فشلها الوخيمة على كرد سوريا والوضع المتوتر في شمالي سوريا عمومًا، ووقعت سلسلة أعمال دموية كبيرة (ارتكبتها داعش أو نُسِبَت إليه) ضدَّ أنصار السلام ونشطاء حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) المناصر للكُرد، متزامنةً مع حملة حكومية سافرة من قمع معمم، واستأنفت الدولة التركية عنفها المعهود ضد الكُرد داخل تركيا، وخارجها.
يُتبَع..
[1]. بين صدوع الطائفية والتطرّف تنظيم الدولة “باقٍ” بقيادة خليفة بلا خلافة، فراس كيلاني، بي بي سي عربي.
على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/extra/gqw96i63hs/new-is-leader-arabic
ونختلف مع ما وردَ في التحقيق عن أصول عبد الله قرداش العربية. ويبدو أنه زعمٌ متأخرٌ من “أمير المولى”، حيث يُعرَّفُ بأنه من تلعفر ذات الغالبية التركمانية، وله شقيقان ناشطان في تيارات قومية تركمانية، وأحد ألقاب أمير كان لفترة “أبو عمر التركماني”. (هناك قيادي آخر في داعش باللقب نفسه).
[2]. انظر: تقرير الغارديان
Isis founding member confirmed by spies as group’s new leader
ترجمة عربية مختصرة للتقرير في “روسيا اليوم”: تركماني من تلعفر.. زعيم داعش الجديد قادَ مجازر بحق الإيزيديين.
تاريخ النشر:21.01.2020
على الرابط التالي:
3. عشائر نينوى و”دولة الخلافة”.. شبكات مصالح وأذرع عنف رسمت خريطة بناء الدولة واستمرارها، نوزت شمدين، شبكة الصحافة الاستقصائية العراقية (نيريج). 3/11/2015
الرابط:
- فالح عبد الجبار، دولة الخلافة: التقدم إلى الماضي (“داعش” والمجتمع المحلّي في العراق)، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2017، الدوحة-بيروت، الطبعة الأولى، ص 262 (نسخة رقمية-ديجيتالية).
Top of Form
- تلعفر.. من مدينة للتعايش إلى “ولاية المهاجرين القوقاز” ومصنع قادة التنظيم. صور وأصوات من تلعفر التركمانية التي احتلّها “داعش” وأسكن فيها “أتراكها”: عباس عبد الكريم، شبكة الصحافة الاستقصائية العراقية (نيريج). 2015/11/03
الرابط:
- في كتابه المنشور في أواخر عام 2012 بعنوان (دليل المجاهدين إلى أحكام المرتد عن الدين)، متوفر على شبكة الإنترنت.
- ستيفان دي ميستورا يدعو تركيا إلى السماح لمتطوعين بعبور أراضيها لمساعدة سكان كوباني، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2014.
موقع الأمم المتحدة، على الرابط التالي:
https://news.un.org/ar/story/2014/10/210452
8. ستيفان دي ميستورا يدعو المجتمع الدولي إلى منع سقوط كوباني في أيادي داعش، 7 تشرين الأول/أكتوبر 2014.
موقع الأمم المتحدة، على الرابط التالي:
https://news.un.org/ar/audio/2014/10/316772
9. التحالف ضد “تنظيم الدولة”: معطيات وشروط تركيا، محمود سمير الرنتيسي، مركز الجزيرة للدراسات، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2014
https://studies.aljazeera.net/en/node/3762